بسم الله الرحمان الرحيم
قال أبو حيان في تفسيره « البحر المحيط » :
« وقد انجرّ في غضون تفسير هذه السورة الكريمة من علم البيان فوائد كثيرة لا يهتدي إلى استخراجها إلاّ من كان توغّل في فهم لسان العرب ، ورُزق الحظّ والوافر من علم الأدب ، وكان عالماً بافتتان الكلام ، قادرا على إنشاء النثار البديع والنظام ، وفي هذه السورة الكريمة من أنواع الفصاحة والبلاغة أنواع :
النوع الأول : حسنُ الافتتاح وبراعة المطلع ، وناهيك حسناً أن يكون مطلعها مفتتحاً باسم الله ، والثناء عليه بما هو أهله من الصفات العليّة .
النوع الثاني : المبالغة في الثناء وذلك العموم ( أل ) في الحمد المفيد للاستغراق .
النوع الثالث : تلوين الخطاب في قوله : { الحمد للَّهِ } إذ صيغته الخبر ومعناه الأمر أي قولوا : الحمد لله .
النوع الرابع : الاختصاص باللاّم التي في ( لله ) إذ دلّت على أنّ جميع المحامد مختصة به تعالى إذ هو مستحق لها جلّ وعلا .
النوع الخامس : الحذف وذلك كحذف ( صراط ) من قوله تعالى : { غَيْرِ المغضوب عَلَيْهِم وَلاَ الضآلين } التقدير : غير صراط المغضوب عليهم ، وغير صراط الضالين .
النوع السادس : التقديم والتأخير في قوله : { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } وكذلك في قوله : { غَيْرِ المغضوب عَلَيْهِم وَلاَ الضآلين } وقد تقدم الكلام على ذلك .
النوع السابع : التصريح بعد الإبهام وذلك في قوله تعالى : { اهدنا الصراط المستقيم * صِرَاطَ الذين أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ } حيث فسّر الصراط .
النوع الثامن : الإلتفات وذلك في قوله : { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهدنا الصراط المستقيم } .
النوع التاسع : طلب الشيء وليس المراد حصوله بل دوامه واستمراره وذلك في قوله تعالى : { اهدنا الصراط المستقيم } أي ثبتنا عليه .
النوع العاشر : التسجيع المتوازي وهو اتفاق الكلمتين الأخيرتين في الوزن والرّوي وذلك في قوله تعالى : { الرحمن الرحيم . . . الصراط المستقيم } وقوله { نَسْتَعِينُ . . . وَلاَ الضآلين } [/b]