بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد . فهذه عشرون مسألة في الصيام مستخرجة من مجموع فتاوى
شيخ الإسلام ابن تيمة رحمه الله .المسألة الأولى : [ جواز الفطر للمسافر ولو بغير مشقة ] :يجوز للمسافر مسافة تقتصر فيها الصلاة أن يفطر، ويقضي مكان تلك الأيام التي أفطرها في سفره بعد شهر رمضان، كما يجوز له أن يصوم وذلك باتفاق الأئمة .ويجوز له الفطر سواء كان قادراً على الصيام، أو عاجزاً، وسواء شق عليه الصوم، أو لم يشق، بحيث لو كان مسافراً في الظل والماء معه من يخدمه جاز له الفطر، كما يجوز له قصر الصلاة .ومن قال إن الفطر في السفر لا يجوز إلاّ لمن عجز عن الصيام فإنه يستتاب، فإن تاب وإلاّ قتل، وكذلك من أنكر على المفطر، فإنّه يستتاب من ذلك .ومن قال إن المفطر في السفر عليه إثم، فإنّه يستتاب من ذلك، فإن هذه الأقوال خلاف كتاب الله وخلاف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلاف إجماع الأمة [ 25 / 210 ] .المسألة الثانية : [ المسافة التي يجوز فيها الفطر وقصر الصلاة ] :يجوز للمسافر أن يقصر ويفطر، والفطر له أفضل من الصوم، ولو سافر في مسافة أقل من مسيرة يومين، وهو قول طائفة السلف والخلف ( وهذا قول قوى ) [ 25 / 210 ] .المسألة الثالثة : [ من سافر في أثناء اليوم فهل يجوز له أن يفطر ؟ ] :من سافر في أثناء اليوم جاز له أن يفطر على أظهر القولين لأهل العلم، وأمّا اليوم الثاني، فيفطر فيه بلا ريب، وإن كان مقدار سفره يومين في مذهب جمهور الأئمة والأمة [ 25 / 210 ] .تابع المسألة الثالثة : [ إذا قدم المسافر في أثناء اليوم فهل يجب عليه الإمساك ؟ ] :إذا قدم المسافر في أثناء اليوم، ففي وجوب الإمساك عليه نزاع مشهور بين العلماء، لكن عليه القضاء، سواء أمسك أو لم يمسك . [ 25 / 210 ] .المسألة الرابعة : [ نية الصيام ] :إذا كان يعلم أن غداً من رمضان فلابد أن ينوي الصوم، فإن النية محلها القلب وكل من علم ما يريد فلابد أن ينويه، والتكلم بالنية ليس واجباً بإجماع المسلمين، وكل من علم أن غداً من رمضان وهو يريد صومه، فقد نوى صومه، سواء تلفظ بالنية، أو لم يتلفظ . [ 25 / 214 / - 215 ] .المسألة الخامسة : [ متى يفطر الصائم ؟ ] :يجوز للصائم أن يفطر بمجرد غروب الشمس، فإذا غاب جميع القرص أفطر الصائم، ولا عبرة بالحمرة الشديدة الباقية في الأفق .المسألة السادسة : [ المؤذن يؤذن قبل طلوع الفجر الصادق فهل يجوز له أن يأكل أو يشرب بعد الأذان ؟ ] :إن كان المؤذن يؤذن قبل طلوع الفجر الصادق، فلا بأس بالأكل والشراب بعد ذلك بزمن يسير . وإن شك : هل طلع الفجر أو لم يطلع ؟ فله أن يأكل ويشرب حتى يتبين الطلوع، ولو علم بعد ذلك أنه أكل بعد طلوع الفجر، ففي وجوب القضاء نزاع، والأظهر أنّه لا قضاء عليه . [ 25 / 216 ] .المسألة السابعة : [ رجل كلما أراد أن يصوم أغمى عليه ] :سئل عن رجل كلما أراد أن يصوم أغمى عليه، ويزبد ويخبط، فيبقى أياماً لا يفيق، حتى يتهم أنّه جنون، ولم يتحقق ذلك منه ؟فأجاب الحمد لله، إن كان الصوم يوجب له مثل هذا المرض، فإنّه يفطر، ويقضي، فإن كان هذا يصيبه في أي وقت صام، كان عاجزاً عن الصيام، فيطعم كل يوم مسكيناً، والله أعلم . [ 25 / 216 ] .المسألة الثامنة : [ حكم الحامل إن خافت على جنينها ] :سئل عن امرأة حامل رأت شيئاً شبه الحيض، والدم مواظبها، وذكر القوابل أن المرأة تفطر لأجل منفعة الجنين، ولم يكن بالمرأة ألم . فهل يجوز لها الفطر أم لا ؟ .فأجاب : إن كانت الحامل تخاف على جنينها، فإنها تفطر، وتقضي عن كل يوم يوماً وتطعم عن كل يوم مسكيناً، رطلاً من خيز بأدمه، والله أعلم . [ 25 / 216 ] .المسألة التاسعة : [ فيما يفطر الصائم ] :يفطر الصائم بالأمل والشراب والجماع، بالنص والإجماع . [ 25 / 219 ]المسألة العاشرة :ثبت بالسنة اتفاق المسلمين أن دم الحيض ينافي الصوم، فلا تصوم الحائض، لكن تقضي الصيام [ 25 / 220 ] .المسألة الحادية عشرة : [ حكم من قاء وهو صائم ] :لا خلاف بين أهل العلم في أن من ذرعه القيء لا قضاء عليه، ولا في أن من استقاء عامداً فعليه القضاء، ولكن اختلفوا في الكفارة، عامة أهل العلم : ليس عليه غير القضاء .المسألة الثانية عشرة : [ من احتلم وهو صائم ] :من احتلم بغير اختيار كالنائم، لم يفطر باتفاق النّاس [ 25 / 224 ] .المسألة الثالثة عشرة : [ من فعل ما يفطره ناسياً أو مخطئاً ] :الصائم إذا أكل أو شرب أو جامع ناسياً أو مخطئاً، فلا قضاء عليه، وهو قول طائفة من السلف والخلف، فمن جامع ناسياً عليه قضاء، ولا كفارة في أظهر الأقوال .وإذا ظن أن الشمس قد غربت فتعجل الفطر ثم تبين له أنها لم تغرب، وكذلك إذا ظن أن الفجر لم يطلع فأكل، فليس عليه قضاء ولا كفارة في ذلك كله لأن خطأ معفو عنه ( بمعناه ) أما إذا لم يحترز من إنزال الماء إلى جوفه من الأنف مثلاً، فإنّه يفطر وهو قول جماهير العلماء، بخلاف من نزل إلى جوفه خطأ [ 25 / 229 – 264 ] . المسألة الرابعة عشرة : [ حكم الكحل والحقنة وما يتداوى به الصائم ] :الكحل والحقنة التي ليست للتغذى والتقطير والنقوط ومداواة الجروح بدواء ينفذ في المسام ونحو ذلك كله الأظهر أنّه لا يفطر بشيء من ذلك، وذلك كله شأنه شأن الطيب، وما يدهن به وشأن البخور الذي يتصاعد إلى الأنف، ويدخل في الدماغ وينعقد أجساماً .... إلخ [ 25 /233 – 248 ] .المسألة الخامسة عشرة : [ حكم الحجامة والاستمناء ] :الفطر بالحجامة على وفق الأصول والقياس، وأنّه من جنس الفطر بدم الحيض والإستقاءة ( أي العمد ) والإستمناء ( أي تعمد إخراج المني ) [ 25 / 275 ] . والصائم قد نهي عن أخذ ما يقويه ويغذيه من الطعام والشراب . فينهى عن إخراج ما يضعفه ويخرج مادته التي بها يتغذى – وذلك لخروج الدم بالحجامة وخروج المني بالاستنماء – وإلاّ فإذا أمكن من هذا ضره وكان متعدياً في عبادته لا عادلاً [ 25 /250 ] . إذا احتاج للحجامة أو الفصاد لوجع أو عذر فإنه يأثم والأحواط أنّه يقضي ذلك اليوم . [ 25 / 266 – 276 ] .المسألة السادسة عشرة : [ من جامع في نهار رمضان ] :إذا جامع امرأته في نهار رمضان فعليه الكفارة سواء أفطر بالجماع أو أفطر بالطعام أولاً، ثم جامع، إلا أن يفطر بعذر [ 25 / 260 ] .المسألة السابعة عشرة :إذا قبل زوجته أو ضمها فأمذى يفسد صومه عند أكثر العلماء . [ 25 265 ] .المسألة الثامنة عشرة : [ من أفطر في رمضان مستحلاً للفطر ] :من أفطر في رمضان مستحلاً لذلك وهو عالم بتحريمه، استحلا لاً له، وجب قتله، وإن كان فاسقاً عوقب عن فطره في رمضان بحسب بحسب ما يراه الإمام، وأخذ منه حد الزنا، وإن كان جاهلاً عرف بذلك، وأخذ منه حد الزنا، ويرجع في ذلك إلى اجتهاد الإمام، والله أعلم [ 25 / 265 ] .المسألة التاسعة عشرة : [ أمور لا تفطر الصائم ] :المضمضة والإستنشاق والسواك وذوق الطعام، والقيء بعذر، وخروج الدم لعذر، والادهان والإكتحال، كل ذلك لا يفطر وفيه تفصيل في موضوعه [ 25 / 268 ] .المسألة العشرون :إذا اتصل المرض بالشخص حتى مات، ولم يمكنه القضاء، فليس على ورثته إلا الإطعام عنه. وأمّا الصلاة المكتوبة، فلا يصلي أحد عن أحد. ولكن إذا صلى عن الميت واحد منهما تطوعاً وأهداه له، أو صام عنه تطوعاً وأهداه له، نفعه ذلك، والله أعلم [ 25 / 296 ] .وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم