بعض الأزواج لا يكتفون بالضرب المؤلم بل أنهم يطردون المرأة أيضاً إلى الخارج ويقفلون الباب وأحياناً يضربونها هي وأولادها، وأحياناً يكون الضرب في منتصف الليل وبقميص النوم. وقد أخبرتني إحداهن بأنها وأولادها كانوا في قمصان النوم حين طردهم جميعاً من البيت بعد الضرب وأقفل الباب وراءهم. ولا أدري كيف قبل منهم أحد سائقي التاكسيات أن يوصلهم إلى بيت أخيه ليصعد أحدهم فيجلب أجرة التاكسي ليدفعها للسائق.
وقد روت لي سيدة أخرى أن زوجها طردها وأولادها نهائياً من البيت ولو لم تكن موظفة لما استطاعت استئجار شقة أخرى والمكوث فيها خمسة عشر يوماً حتى رضي الزوج برجوعها إلى البيت.
هناك دولة عربية أنصفت المرأة فاعتبرته في قانون الأحوال الشخصية ذنباً يعاقب الزوج عليه إذا شكته الزوجة، وكذلك دولة أخرى حيث حوكم زوج ضرب زوجته بشكل قاس جداً (فتدحرجت) زوجته على حد تعبيرها إلى مخفر صادف أنه بجانب بيتها فراحت تمشي وتقع إلى أن وصلته بشق النفس رغم قربه، ثم بعد شكواها حوكم بثلاثة أشهر سجناً. ولكن الزوجة عادت فأسقطت الحكم بتنازلها عن حقها كما أخبرتني، هذه هي طبيعة الزوجة غالباً للحفاظ على سلامة بيتها واستقرار أسرتها.
وكذلك تلك المرأة التي كانت دائماً تركض هاربة من زوجها في الطرقات حول البيت لأنها لم تحسن إسكات الأطفال الذين يلعبون ويتصايحون حول البيت، فلم يستطع الزوج أن ينام بعد الظهر، فركض خلفها يبغي كسر رقبتها كما كان يصيح بها. وكذلك تلك التي تختبئ كل فترة وجيزة في بيوت الجيران راكضة وزوجها خلفها يصيح سأكسر لك يدك الثانية كما كسرت لك الأولى وأيضاً الأخرى المهذبة التي لا تنفك تضع ((البلاستر)) على وجهها وذراعيها لإخفاء الخدوش التي تدعي أنها سببت لها هرة أزعجتها. ثم تهمس في أذني قائلة أنها من ضرب زوجها الذي لا تريد أن (تجرسه) فتكتم صوتها أثناء الضرب لكي لا يسمع الجيران صياحها، وذلك لأنها (آدمية) لا تحب الفضيحة.
والحوادث المؤلمة من الزوج الذي ينسى أو يتناسى أنه يعيش في عصر التقدم الحضاري والمدنية الراقية، فهل يجوز أن يحدث هذا الذي يدل على طباع وغرائز ابن الغاب منذ العهد الحجري الذي كان فيه القوي يلتهم الضعيف دون رحمة أو شفقة؟ ... ومهما يكن عذر الرجل في هذا وأنه محق أحياناً في ضرب زوجته كعقاب لذنب ارتكبته، ولكن من يعاقبه هو إذا ارتكب ذنباً اتجاهها؟ ...
ومن الذي أنبأه أنه معصوم من الذنوب؟ ... أفلا يوجد شيء يدعى التفاهم لمناقشة الموضوع المختلف عليه في عصر النور هذا بعد أن تثقفت المرأة والرجل ووصلا إلى درجة ممتازة تستحق أن نرفع بها رؤوسنا بين الأمم الراقية إذن فماذا يبقى لكي يستطيع الزوج أن يفهم وضع زوجته ويحترمها ويقدم لها الإعزاز والتقدير؟ لقد أمست الزوجة في مثل مركزة تقريباً من العلم والوعي، إذن فلماذا لا يكون التسامح بينهما متبادلاً فيسهل طريق المناقشة الرقيقة الهادئة لدى كل ذنب يرتكبه أحدهما، واضعين أمام أعينهما الوصول إلى هدف المصالحة لا الضرب والمقاطعة وهما أمران صارا الآن بعد أن تثقفت المرأة ووصلت إلى الاستقلال الاقتصادي،
أقول صارا يوصلان إلى الطلاق والعياذ بالله.