*ما الفرق بين أتى وجاء ؟
القرآن الكريم يستعمل أتى لما هو أيسر من جاء، يعني المجيء فيه صعوبة بالنسبة لأتى ولذلك يكاد يكون هذا طابع عام في القرآن الكريم ولذلك لم يأت فعل جاء بالمضارع ولا فعل الأمر ولا إسم الفاعل.
والذي استبان لي أن القرآن الكريم يستعمل المجيء لما فيه صعوبة ومشقة، أو لما هو أصعب وأشق مما تستعمل له (أتى).
وقد تقول: وقد قال أيضاً (هَلْ أَتاكَ حَديثُ الغَاشِيَة) والجواب: أن الذي جاء هنا هو الحديث وليس الغاشية في حين أن الذي جاء في النازعات وعبس هو الطامة والصاخة ونحوهما مما ذكر.
لم يقل أتتكم الغاشية وإنما حديث الغاشية، حديث يعني الكلام، هناك جاءت الصاخة أو الطامة وليس الحديث عنها.
لم تأت الغاشية وإنما هناك جاءت، هذا الكلام في الدنيا (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ (1) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ (2) عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ (3)) لأن الحديث عنها أما (فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ (33) يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) عبس) ليس الحديث عنها.
مثـــــــــــــــال أخــــــــــــر :
قال تعالى))فَلَمَّا جَاء آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ {61الحجر((
وقال تعالى))يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيّاً {43}مريم((
وقال تعالى))هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئاً مَّذْكُوراً {1} الإنسان
إذا نظرنا في القرآن كله نجد أنه لم تستعمل صيغة المضارع للفعل (جاء) مطلقاً في القرآن كله ولا صيغة فعل أمر ولا اسم فاعل ولا اسم مفعولوإنما استعمل دائماً بصيغة الماضي
..
أما فعل " أتى " فقد استخدم بصيغة المضارع .
من الناحية اللغوية :
" جاء "تستعمل لما فيه مشقة أما" أتى "فتستعمل للمجيء بسهولة ويسر ومنهالالمتياء وهي الطريق المسلوكة .
قال تعالى في سورة النحل((أَتَى أَمْرُ اللّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىعَمَّا يُشْرِكُونَ ((1((
وقال تعالى((وَلَقَدْأَرْسَلْنَا رُسُلًا مِّن قَبْلِكَ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُم مَّنلَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّابِإِذْنِ اللَّهِ فَإِذَا جَاء أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَهُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ (78))
هنا أشقّ لأن فيه قضاء وخسران وعقاب.
وكذلك في قوله تعالى((حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَننَّشَاء وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (110))
وقوله((وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْعَلَى مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلاَ مُبَدِّلَلِكَلِمَاتِ اللّهِ وَلَقدْ جَاءكَ مِن نَّبَإِ الْمُرْسَلِينَ (34))
تكذيب الرسل شيء معهودلكن الإستيئاس هذا شيء عظيم أن يصل الرسول إلى هذه الدرجةفهذا أمر شاق
لذا وردت كلمة (جاءهم) في الآية الأولى ..
أما في الثانية فالتكذيب هو أمرطبيعي أن يُكذّب الرسل لذا وردت (أتاهم) وليس (جاءهم).