بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين .. حمدا يوافي نعمه ..
وأشهد أن لا إله إلا الله ..
أحدٌ أحد ...
فردٌ صمد ..
لا والدٌ ولا ولد
ربي عزيز قادر له جبيني قد سجد ..
وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله ومصطفاه ومجتباه
الذي أقسم الله بعمره تنويها بقدره وتنبيهًا إلى عظيم أمره
فقال عز من قائل :" لعمرك "
فأكرم به من عمر
كل أطواره أنوار
تغشتها أسرار
بجهاد وتزكية .. وجِلادٍ وتضحية
من أجل إزالة الغماء .. وإزاحة الظلماء
لتنوير الأفئدة بالأنوار المُسعدة
هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان
لتحرير الرقاب من الضلال والكفران
فصلِّ اللهم وسلم على صاحب هذا العُمر العامر
والنور الظاهر والسر الباهر
صلاة وسلاما يرفعانه إلى مقام الوسيلة
ويكونان لنا يا مولانا موجبا للشفاعة في يوم لا ينفع فيه
مالٌ ولا حيلة
يا ذا الجلال والإكرام
يا ذا الجلال والإكرام .. يا ذا الجلال والإكرام
وبعد :
قال أهل العلم :" آفة الانسان النسيان "
وأسعد بيئاته ما توافرات فيها المذكَّرات.. وأشقى البيئات ماطوي فيها بساط الذكر
ومن مقاصد القرآن العليا تحصيل الذكر والتأثر به تذكرا
قال تعالى :" أو يحدث لهم ذكرى "
والذكر هو دليل عافية النفس
لأن الذي لايتأثر بالذكر يكون بينهما حجب كثيفة
يستحق الوعيد عليها
" فويل ٌ للقاسية قلوبهم من عذاب يوم عظيم "
وذكر اسم الله تعالى مقدمة المعرفة ودليلها
فالذي لا يُعرف بالاسم
يُعرَّف بالمسمى ويدلُّ عليه ..
والله سبحانه وتعالى يُعرف بقوله كما يُعرف بفعله وأثره
ومفتاح الفهم لذلك
تدبر الآي المسطور والنظر في الأثر المنظور
ليشهدان بصدق الله الواحد الذي لاتخلف جهات قوله وفعله
" أن تضلِّ إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى ..."
قال تعالى :" فاعلم أنه لا إله الا الله .."
بدأ بالعلم من اجل قضية عظيمة وهي قضية التوحيد
فما بالك بما دونها ..!!
كما قال " وليعلم الذين اوتوا العلم أنه الحق من ربك فيؤمنوا به فتخبت له قلوبهم .."
فرتب المدارج على ماينبغي أن يكون عليه التلقي ..
" العلم فالايمان فالاخبات .."
"اقرأ باسم ربك الذي خلق "
يشير أهل العلم إلى تعلق القراءة باسم الرب
يفيد ان تربيتك لاتتيسر من غير مدخل العلم والمعرفة
" اقرأ لتتربى "
لابد ان يكون للعلم غاية عالية وشريفة تناسبه ..
فابراز عنوان الربوبية في تعلق مطلب القراءة
في هذا المعنى
" اقرأ باسم ربك الذي رباك فخلقك واقرأ لتتربي بهذه القراءة "
وقال النبي صلى الله عليه وسلم :" بني الاسلام على خمس :
شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت من استطاع اليه سبيلا .."
فإن أساس الاسلام عقيدته ..
ومكمن العقيدة فيه إنما هو الايمان بوجود الله سبحانه وتعالى وبوحدانيته
فلا مطمع في تحقيق شيء من أحكام الشريعة الاسلامية
ان لم تكن المبادئ الاعتقادية مركزة قبل ذلك في القلب
ولا مطمع في ارتكاز شيء من هذه المبادئ فيه
إلا بعد الايمان بوجود الخالق جل جلاله
ولو خلي الانسان وعقله دون ان يقوم بينهما اي حاجز
من الميول النفسية أو الاعراض الدنيوية أو وسوسة الشياطين من الانس والجن
لما عاقه شيء عن الايمان بالله تعالى
ولكن الله قد شاءت حكمته ان يبلو الناس بعضهم ببعض
ثم يمتحنهم أيهم أحسن عملا
ليجزيهم بعد ذلك على ماقد عملوه بالفعل
لا على ماقد علمه في سابق غيبه مما سيفعلون
جعل الى جانب العقل المرشد في الانسان
شهوات واهواء مضللة
وجعل الايمان بالحق واتباعه ثقيلا على النفس
على حين جعل الايمان بالباطل واتباعه سهلا خفيفا ..
فتولدت بذلك الشبه المصطنعة وتكاثفت الغشاوات المختلفة
ثم تجمع ذلك كله وعكَّر صفاء الرؤية الى الحق البديهي
حتى انقلب هذا الحق في ظن بعض الناس
الى فلسفى غيبية
وتخيلات وهمية ..!!
من أجل ذلك
كان لابد من ان يحسب لهذه الحقيقة الضرورية حساب المسائل النظرية
فيضعها في ميزان البحث العلمي
ثم يسلط عليها أشعة العقل المتدبر
حتى اذا انكشف زيفها تولد منها ايمان راسخ
وعقيدة صلبة متسلحة بالعلم والمعرفة
لينطلق لسان الحال ..
المستظهر للعظمة الله وسطوته وقهره
" فاعلم أنه لا إله إلا الله .."
والحمد لله رب العالمين