حديقة النباتات

حديقة النباتات



تعد حديقة النباتات botanical garden متحفاً حياً يعكس المفاهيم العلمية والثقافية والتربوية والتعليمية لحياة النباتات المختلفة، ولها مكانة بارزة في إجراء البحوث العلمية المرتبطة بالمعرفة الكلية الخاصة بعالم النبات على الصعيدين الوطني والعالمي في مجالات حفظ وصيانة الأنواع المهددة بالانقراض.

تزرع نباتات الحديقة لأغراض البحوث العلمية والتعليمية ولدراسة النباتات من النواحي البيئية والشكلية والوظيفية. كما تضم أكبر مجموعة من أنواع وأصناف النباتات المحلية والمستوردة الموزعة حسب الفصيلة التي تنتمي إليها. ويزود كل نموذج نباتي بلوحة يكتب عليها الاسم العلمي للنبات وفصيلته التي ينتسب إليها مع تحديد موطنه الأصلي. وتلحق بحدائق النباتات مشاتل ودفيئات زجاجية لتربية النباتات في بيئات مشابهة لبيئتها الطبيعية التي تنمو فيها.

الحديقة النباتية مشروع باهظ التكاليف من حيث اختيار المكان، وتخطيط البناء، والتأهيل العلمي للموارد البشرية في مجالات: الاختيار وتحديد الأهداف، وبناء المكتبة التصنيفية، وإقامة المعشب وتحديد أغراضه, ودراسة وتأهيل النباتات الاقتصادية الغذائية والكسائية والدوائية.

يتطلب تحقيق الأهداف العلمية للحديقة النباتية خبرات وتجهيزات رفيعة المستوى تمكن من تحديد الأنماط البيئية للنوع والصنف، ومن إجراء البحوث على نباتات بعيدة المنشأ، والقيام ببحوث التقانات النباتية الحيوية كزراعة النسج واستنساخ النباتات المعدّلة وراثياً وغيرها.

تتمثل الرسالة التربوية للحدائق النباتية في تعليم الجماهير احترام العالم النباتي بوساطة إطارات تفسيرية، وبطاقات مسمّيات علمية ومتناقلة، وكراسات موضوعة في متناول الزوار، وتنظيم زيارات ميدانية، وإلقاء محاضرات نظرية وعملية تهدف إلى تقوية المعارف النباتية والزراعية.

وتقوم الحديقة النباتية بالمحافظة على الأنواع المهددة بالانقراض التي تجاوز عددها 60000 نوع قبل عام 2002. وفي هذا انعكاس للرسالة الحضارية للحديقة النباتية في القرن الحادي والعشرين. وهكذا تتعاون جميع الحدائق النباتية في العالم لدعم مركز الحدائق النباتية للمحافظة العالمية BGIC في لندن.

لمحة تاريخية وأثر الحدائق النباتية في العالم

يعتقد بعض المؤرخين أن تأسيس أولى الحدائق النباتية في العالم حوالي عام 2300ق.م يرجع إلى الحضارة السومرية في منطقة الرافدين التي كانت تدرب الناس على الأعمال الزراعية. كما وجد كامبل تومسون Campel Thomson نحو 600 رُقماً مكتوباً باللغة المسمارية دُوِّن فيها أكثر من 250 اسماً لنباتات طبية وزراعية كان يستعملها السومريون والبابليون والآشوريون في مجالات متعددة الأغراض كالغذاء والكساء والدواء والعلاقات الاجتماعية.

الحديقة هي روضة الشجر، والجمع حدائق، وقد ورد هذا اللفظ ثلاث مرات في الذكر الحكيم. )أمَّنْ خلقَ السماواتِ والأرضَ وأنزلَ لكم من السماءِ ماءً فأَنْبَتْنَا بهِ حدائقَ ذاتَ بهجةٍ ما كانَ لكمْ أَنْ تُنّبتوا شَجَرهَا أَإِلهٌ معَ اللهِ بلْ همْ قومٌ يَعْدلون( (النمل 60). )حدائق وأعنابا( (النبأ 23). )وحدائق غُلبا( (عبَسَ 30).

يعد الخليفة الأموي عبد الرحمن الداخل أول مؤسس لمفهوم الحدائق النباتية في أوربا؛ بغرسه عدداً من الأشجار الدمشقية في حديقة قصره وفي طليعتها نخلتان كانتا تؤنسانه في غربته.

أول حديقة نباتية أوربية أقيمت في فرنسا في القرن الخامس عشر في المدرسة الطبية في مونبلييه بإشراف العلماء العرب من الأندلس الذين عملوا على زراعة النباتات الطبية خاصة.

وتطورت الحدائق النباتية بسرعة لتشمل زراعة كل النباتات الوطنية، ثم تخطتها فيما بعد لزراعة النباتات العالمية التي يجلبها الرحالة والبحارة، كما كلف كثير من القادة العسكريين الفرنسيين بمهمات جمع النباتات من الأماكن التي يعسكرون فيها لتزرع في حديقة مدينة طولون وغيرها من المدن الفرنسية ولكي تزود بها الحديقة الملكية الملحقة اليوم بالمتحف الوطني للتاريخ الطبيعي في باريس. وأقيمت بعد ذلك حديقة كيو في لندن وحديقة النبات في نيويورك.

لقد تنوعت اليوم أنماط الحدائق النباتية لتشمل: المشجرات arboretums التي تعنى بزراعة الأشجار، والحدائق النباتية التاريخية التي تشرح طريقة تطور مفهوم الحدائق النباتية، والحدائق الملحقة بمخابر البحوث، والحدائق الخاصة بالتربية والثقافة الوطنية والبحوث العلمية الجامعية، والحدائق النباتية المتخصصة الموضوع كالنباتات الصردية أو الجردية أو الألبية alpine، والنباتات الطبية والنباتات الاتنية التي تستعملها الشعوب، والنباتات المُدخلة أو المجلوبة exotic كالصباريات والنباتات المهددة بالانقراض وغيرها.

الأهداف المنشودة من إقامة الحدائق النباتية وعلاقتها بالتنوع الحيوي

تقام الحدائق النباتية لتحقيق الأغراض الآتية:

- دعم مشروعات البحث العلمي في مجال التنوع الحيوي للنبات الطبيعي والزراعي والتصنيفي والتشريحي والخلوي والكيمياوي والتكاثري الرعوي والطبي والصيدلاني وللتهجين الطبيعي والصناعي، فالحديقة النباتية تعد المكان الأمثل لجمع عدد كبير من الأنواع النباتية اللازمة لدعم مشروعات البحوث النباتية القائمة في كليات العلوم والزراعة والصيدلة والطب والآداب والدراسات التراثية والحديثة.

- دعم التعليم الحسي والتعريف العملي بالوحدات التصنيفية.

- تزويد الجامعات والمخابر بمستلزمات التدريس والبحث العلمي وحفظ النباتات النادرة خارج موقعها أو المستوردة .

- إنشاء بنوك للسلالات التكوينية الوراثية وتبادل البذور بين 500 منظمة علمية عالمية.

- إقامة دورات للدارسين الكبار في استخدام النباتات الاقتصادية.

- تعليم الصغار الكثير عن النباتات الوطنية.

ويحتوي الدليل العالمي للحدائق النباتية في طبعته الرابعة على أكثر من 798 حديقة نباتية عالمية مهمة.

علاقة المحميات بالحدائق النباتية والتنوع الحيوي:

تدعو برامج الأمم المتحدة جميع دول العالم إلى توسع مفهوم الحدائق النباتية وإقامة المحميات وتقديم الدعمَين المادي والعلمي لحفظ التراث الحيوي الوطني على الصعيد العالمي. ويعد برنامج الوكالة الدولية للمحميات World Commission on Protected Areas (WCPA) الملحق بالاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة IUCN في سويسرا من أبرز المؤسسات الدولية الممولة للحدائق النباتية والتنوع الحيوي والمحميات التي تصنفها إلى القطاعات الآتية:

- قطاع الحماية الكاملة Strict protection ويقسم إلى قسمين:

أ- المدخرة الطبيعية الكاملة Strict Nature Reserve.

ب- قطاع البراري Wilderness Area

- منظومة المحافظة والتجديد (الحديقة الوطنية العامة)

Ecosystem Conservation and Rec­reation (Natural Park)

- قطاع المحافظة على المظاهر الطبيعية (المَعْلَم الطبيعي)

Conservation of Natural Features (Natu­ral Monument)

- قطاع المحافظة بالإدارة الفعالة (المهد/ قطاع إدارة الأنواع)

Conservation through Active Man­agement (Habitat/ Specie Man­agement Area)

- قطاع المحافظة على المَعالم البرية / المعالم البحرية وتجديدها (محمية المَعْلَم البري/ محمية المَعْلَم البحري)

Landscape/Seascape Conservation and Recreation (Protected Landscape/ Seascape)

قطاع الاستعمال المستدام للمنظومات البيئية (إدارة الموارد الطبيعية والمحميات[ر])

Sustainable use of Natural Eco­sys­tems (Managed Resource and Pro­tected Area)