أصبحنا في 2010 ، أي أصبح عمر الإنترنت يقارب 17 عاما تقريبا. لا زلت أذكر تلك الأيام التي كان من يملك "انترنت" في منزله وقتها وكأنما في بيته كنز مدفون و ذلك في الأعوام ما بين 95 و 97 . فقد كانت الإنترنت - وقتها - سرا غامضا من أسرار الزمان الذي لا يستمتع به إلا من استطاع فك شفرته.
فوقتها كان الإتصال بالإنترنت أمرا عصيبا. بداية كانت الإنترنت تزاحم خط الهاتف في المنزل. فكان إما هذا أو ذاك . فبعد أن "يحن" عليك المودم ويشبك أخيرا بعد مئة محاولة ، فمكالمة تستقبلها على هاتف منزلك ستقطع اتصالك بالشبكة لتضطر أن ترد على تلك المكالمة ، والتي هي على الأغلب من صديق يطلب منك معاونته على الإتصال بالإنترنت من منزله. حينها تقسم انك ستقوم بالإتصال به بعدما يشبك هو على الإنترنت كي ترد الصاع صاعين،،
الإنترنت وقتها كان مفيدا جدا للاسترخاء . فأنت تطلب صفحة ما ، ثم تذهب وتسترخي على سريرك ساعة أو ساعتين حتى تحمل الصفحة، وكانت الإنترنت وقتها كذلك مفيدة جدا للصحة ، فمجرد أن تضغط على "لينك" معين تذهب وتحضر لنفسك افطارا شهيا وكوبا من الشاي قبل أن ترى الصفحة المطلوبة وبالتالي أنت تضمن ثلاث وجبات صحية خلال النهار.
أما اليوم فالإنترنت لا تترك لك مجالا للاسترخاء أو التغذية . فمجرد أن تضغط اللينك إلا والصفحة أمامك بسرعة شديدة تجعلك تتسمر في مكانك لبضع ثوان قبل أن تقرأ أو تقرر ماذا ستفعل بالصفحة . الإنترنت اليوم أصبحت ناضجة قادرة على تحمل المسؤولية التي صنعت من أجلها . وتستطيع أن تحمل لك أخبارا من جميع أنحاء العالم على شكل نصوص أو فيديو أو صور.
من يشتاق للأسلوب القديم للإنترنت فما زالت الفرصة أمامه مواتية ، فما عليه سوى الإشتراك مع إحدى شركات تزويد الإنترنت المحلية. والتي تمتاز أكثر من غيرها بإعطاء فرص للاسترخاء للمستخدم. فمثلا إذا قطع إتصالك فجأة ، فيمكنك الإسترخاء حتى يرد عليك موظف خدمة الزبائن ساعة أو اثنتين. إذا أصبح إتصالك بطيئا فجأة ، فهي فرصة للاسترخاء يوما أو يومين قبل إصلاح العطل في شبكتك. كذلك فإن الإنترنت في الأردن مقو جدا للعضلات ، فهي بمثابة رياضة تلعبها عندما ترميك كل شركة على الأخرى. شركة الإنترنت تقول :إن العطل من شركة الإتصالات ، و الإتصالات تقول العطل من شركة الإنترنت وتبقى أنت تركض بين هذا وذاك ، وهذا بحد ذاته تمرين لعضلاتك.
للأسف عمر طويل للإنترنت وما زلنا نعاني فقط لنحصل على إتصال غير متقطع . فتارة السبب عالمي لأن هناك حوتا ما قد عض على ألياف الإتصال في قعر المحيط . وتارة أخرى السبب هو أنت لأنك تستخدم الإنترنت أكثر من اللزوم ، وهذا سبب حقيقي سمعته في أذني في إحدى المرات . و طبعا موظف خدمات المشتركين مصر أنه اذا أعدت تشغيل المودم فان كل شيء سيكون على ما يرام. 2010
وما زلنا نحلم بإنترنت لا ينقطع. انترنت يجعلك تنام مرتاح الخاطر متأكدا أنك غدا ستستيقظ و ستقرأ إيميلك الخاص و رسائلك بكل سهولة و يسر. دون استرخاء و دون رياضة و دون ذلك الحوت في المحيط الذي يصر على أن يعض سلك الإنترنت الخاص بك دائما.